مديرية شمال غزة تستقبل وفداً من الإدارة العامة للشكاوى بوزارة التعليم
إعلان هام حول إصدار بطاقة الهوية الأولى لطلبة المدارس
مدير تعليم شمال غزة يتفقد سير العملية التعليمية بمدرسة بيت لاهيا الأساسية "ب" للبنين
تعليم شمال غزة و"مشارق" تتفقان على تنفيذ لوحة جدارية حول "حق المرأة في التعليم والتعلم"
د. ماهر أحمد السوسي
نائب عميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية غزة
جاءت الدعوة صريحة في نصوص التشريع الإسلامي إلى الاهتمام بالعلم بشكل مطلق، والاهتمام بالعلم الشرعي على وجه الخصوص، يقول الله تعالى: ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، فهذه آية صريحة تدل على أن علم الإنسان هو من وسائل علو منزلته عند الله تعالى.
ويقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فهذه الآية تجعل التعليم الشرعي هو قسيم الجهاد في سبيل الله تعالى، حيث إنها تقول أنه لا ينبغي أن يقوم جميع الناس إلى الجهاد؛ بل الواجب أن يبقى بعضهم ليتعلموا العلم، ويعلموه للمجاهدين وغيرهم، وهذا يعني أن الشرع يأمر بأن يحبس بعض الناس أنفسهم على العلم، ذلك لأن العلم هو قوام الحياة، وعلم الشرع هو الضابط لما عداه من العلم ومن كل شيء غيره.
وفي نفس السياق يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، إذن فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلنها بوضوح وصراحة، أنه من أراد أن يكون خير الناس فعليه أن يأخذ بعلم الدين.
آثار العلم الشرعي على المجتمع الغزي:
وحتى نتعرف على السبب الذي من أجله أمر الله تعالى بأن يقوم نفر من المسلمين بحبس أنفسهم على العلم الشرعي، فلا بد أن نتأمل حال المجتمع ونتعرف على الآثار التي يعكسها هذا العلم على سلوك وتصرفات المجتمع؛ بل وعلى ثقافته بشكل عام، وليكن نموذجنا في هذا الأمر كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية بغزة، وقد اخترتها بالذات لأنها الأكثر تخصصا ًفي هذا المجال من بين كل المؤسسات التعليمية التي تتناول التعليم الشرعي بشكل عام.
افتتحت كلية الشريعة والقانون في عام 1978م، وكانت نشأتها مع نشأت الجامعة الإسلامية، وكون كلية الشريعة والقانون هي أولى كليات الجامعة بلا منازع، فإن هذا يعني أن الدراسات التي أجريت آنذاك عند افتتاح الجامعة، قد رأت أن أول ما يحتاج إليه المجتمع هو الدراسات المتعلقة بالفقه والتشريع.
وباستعراض الوضع الاجتماعي في تلك الحقبة الزمنية فإننا نلمس أنه كان هناك كثير من السلوك الاجتماعي المخالف لأحكام الإسلام، وأن المجتمع كان يعاني من كثير من الموروثات الخطأ، التي لا تستند في أصلها إلى عقيدة المسلمين، وإنما كان مصدرها الرئيس هو الخرافة أو الجهل، العلم المغلوط، الناتج عن قلة العلماء المتخصصين تخصصاً دقيقاً في أحكام الشرع الإسلامي.
ولمن عايش هذه الحقبة من الزمن أذكرهم ببعض الأمثلة عما قلت، ومنها، ما كان يمارسه الناس من طقوس العزاء في المآتم، والتي كان أظهرها تقديم شتى أنواع السجائر للمعزين، على أنها مظهر إكرام لهم، ومن ذلك ما كان يُقام من طقوس للميت بعد انتهاء العزاء، مما كان يعرف بالاثنين والخميس، والأربعين، والسنوية، وفك الوحدة، وما إلى ذلك، كل هذا يعرفه من عايش تلك الحقبة من الزمن.
ومن ذلك احتفال (شم النسيم) الذي كان يعتقد الناس أنه من شعائر الإسلام، وهو شعيرة نصرانية، أو فارسية، ومنها ما كان يعرف باسم (المنطار)، و(باب الدرون)، و(أربعة أيوب)، و(عيد النبي صالح)، وكل هذه المراسم وغيرها كانت تعتبر في المجتمع من ضمن شعائر الإسلام، وكان تأخذ الطابع الديني.
ومن أهم الأمثلة في هذا الحال، هو السفور، وعدم الالتزام بالحجاب، بل تستطيع أن تقول أن ثقافة الحجابة في ذلك الوقت لم تكن راسخة في أذهان الناس على أحسن الاحتمالات.
من أجل ذلك كان المجتمع بحاجة إلى من يبين حكم الشرع في كل سلوك وتصرفات المجتمع، ويعيد تقييم هذه السلوك والتصرفات، ومن ثمّ يوجه المجتمع الوجهة الصحيحة.
ولا يستطيع أحد أن يدعي أن كلية الشريعة والقانون كانت هي الأداة الوحيدة في ذلك الوقت التي قامت بتصحيح مسار المجتمع نحو الإسلام، (أقصد الإسلام كشريعة وعقيدة لا كمجرد انتماء)، أقول لم تكن كلية الشريعة والقانون هي الوحيدة في ذلك الوقت، ولكن صاحب نشأتها، بداية المد الديني في المجتمع الغزي وغيره من المجتمعات الإسلامية بشكل عام، وهذا ساعد في قيام الكلية بوظيفتها من أول يوم أنشئت فيه.
هذا وبتأمل سلوكيات المجتمع الفلسطيني بشكل عام والغزي بشكل خاص ، وجدنا أن تغييراً بدأ يطرأ على أشياء كثيرة، ومن ضمنها المفاهيم الدينية المغلوطة، وممارسة الناس لعباداتهم، وتحول سلوكهم إلى سلوك ديني ملتزم شيئاً فشيئاً.